Navigation

إذا لم يكن لديك ما تخفيه فلن يكون لديك ما تخشاه.. إستغلال النفوذ وإستعمال حجج زائفة لصناعة مجتمع لا يوجد فيه شيء خاص

تشير حجة "إذا لم يكن لديك ما تخفيه فلن يكون لديك ما تخشاه" بالخطأ إلى أن الخصوصية هو شيء يرغب فيه المجرمون فقط. في الواقع نختار القيام بأشياء كثيرة على انفراد, رسائلنا مع الأصدقاء, الغناء في الحمام ، رسائل الحب ، وحياتنا مع العائلة والأصدقاء وغيرها, على الرغم من أن هذه الأشياء ليست خاطئة أو غير قانونية فنحن نفضل عدم الإفصاح بها للآخرين. ترك بعض المعلومات بعيدة عن الأعين هي طرق لضمان قدر من الخصوصية وليس مؤشرات للسلوك الإجرامي.
إستغلال النفوذ وإستعمال حجج زائفة لصناعة مجتمع لا يوجد فيه شيء خاص


قبل أن تقرأ هذا: إذا كنت تعتقد بأن هذا الأمر مبالغ فيه أو تمالكك شعور بعد أن تقرأ كل هذا  بأن الأمر لا يعنيك فيمكنك التفكير في الجمعيات والمنظمات التي تحارب الفساد والأشخاص الذين يعملون في مناصب حساسة أين يمكن للحكومة أن تستغل معلوماتهم الشخصية وخصوصيتهم للضغط عليهم, وإن كنت تريد إقناعا بسيطا حول كيف يمكن لموضوع مثل هذا أن يصل تأثيره إلى أبسط فرد في المجتمع فشاهد الإنتهاكات التي تحصل في مصر وإقرأ كتاب "لا مكان للإختباء - جلين جرينوالد" لتفهم عما أتكلم.

ملاحظة فقط: الهدف من هذا المقال هو أن تعلم مايحدث فقط فحاليا لا يمكن لأشخاص مثلنا أن يفعلوا شيئا لكن قد يأتي يوم و يصبح أحدنا في منصب يحول كلمة لايمكن إلى يمكن.


"لا تشكلوا أي تحد, ولن يكون لديكم ما تقلقوا بشأنه,اهتموا بشؤونكم وادعموا أو على الأقل تحملوا مانفعله وستكونون على مايرام"

هذه العبارة هي ترجمة كافية للرسالة التي يوجهها طرف قوي لطرف أقل منه قوة تعبيرا عن أن القوي يفعل ما يشاء وقت ما يشاء حتى ولو كان الأمر غير قانوني أو حتى غير إنساني, ولنربط هذه الرسالة بموضوعنا فهذه الرسالة تنطبق على الأعمال التي تقوم بها وكالة الأمن القومي NSA للتجسس على الآخرين. 

في أعقاب الحجج التي يتم إصدارها من قبل وكالة الأمن القومي حول التجسس على الأخرين ، صدمتني بشكل خاص الحجة القائلة "إذا لم يكن لديك ما تخفيه ، فلن يكون لديك ما تخشاه". 

لأول وهلة قد تبدو هذه الحجة سليمة لكن مع الوقت ستكتشف بأن هذه الحجة ماهي إلا وسيلة لإنتهاك خصوصيات الآخرين لا غير, على كل حال إذا كانت وكالة الأمن القومي تقوم فقط بمراقبة الإرهاب فلا ينبغي أن يتأثر غير الإرهابيين أليس كذلك؟ ولكن إذا نظرت عن كثب سترى بأن هذه الفكرة مليئة بالثغرات. 

تشير حجة "إذا لم يكن لديك ما تخفيه فلن يكون لديك ما تخشاه" بالخطأ إلى أن الخصوصية هو شيء يرغب فيه المجرمون فقط. في الواقع نختار القيام بأشياء كثيرة على انفراد, رسائلنا مع الأصدقاء, الغناء في الحمام ، رسائل الحب ، وحياتنا مع العائلة والأصدقاء وغيرها, على الرغم من أن هذه الأشياء ليست خاطئة أو غير قانونية فنحن نفضل عدم الإفصاح بها للآخرين. ترك بعض المعلومات بعيدة عن الأعين هي طرق لضمان قدر من الخصوصية وليس مؤشرات للسلوك الإجرامي.

كما أن حجة "إذا لم يكن لديك ما تخفيه فلن يكون لديك ما تخشاه" تشير إلى أننا جميعًا نستحق الشك حتى نثبت العكس. إن نظام العدالة لدينا يعاملنا جميعاً على أن فلانا بريء حتى تثبت إدانته. وينطبق ذلك في الحياة اليومية عندما تريد الحكومة التجسس على أنشطتنا اليومية والمحادثات الخاصة. تتحمل الدولة عبء إظهار وجود سبب وجيه للشبهة وليس العكس. لا يجب أن تكون العبارة "إذا لم يكن لديك ما تخفيه فلن يكون لديك ما تخشاه" ترخيصًا لمراقبة حكومية شاملة. 

حتى إذا كنت تعتقد أنه ليس لديك ما تخفيه ، فقد يكون لديك بالفعل ما تخشاه. إن احتمال سعي الحكومة غير المبرر للتجسس على الآخرين هو أمر مرعب, العيش تحت النظرة المستمرة للمراقبة الحكومية يمكن أن يؤدي إلى ضرر اجتماعي طويل الأمد, يجعل هذا الأمر المواطنين أكثر خوفًا ، و أقل حرية ، أقل احتمالًا للاعتراض, يمكن للمراقبة أن تقضي بشكل كبير على ما كان في السابق مجتمعا مفتوحا. 

يمكن أن يكون للمراقبة الحكومية أذى مباشر للآخرين, فكر في العاملين في مجال حقوق الإنسان أو الصحفيين الذين يجب أن يعملوا مع الأشخاص الذين يحملون معلومات سرية حول الحكومة، تخيل ما سيحصل لو كانت الحكومة تملك معلومات حساسة حولهم, بالتأكيد ستكون هذه واحدة من الطرق التي ستستخدمها للضغط عليهم من أجل الإلتزام لمطالبها وكتمان الحقيقة ولربما حتى الضغط عليهم من أجل تحريف الحقيقة وتزييفها. 

ربما لا تزال غير مقتنع. أنت متأكد من أنه ليس لديك ما تخفيه ولن تفعل ذلك أبدًا. أنت تعتقد أن مخاوفي حول المراقبة الحكومة مبالغ فيها ، وتعتقد أن المخاوف المتعلقة بالخصوصية لا تستحق كل هذا التركيز ومن غير المحتمل أن يؤثر مثل هذا الأمر عليك أو على مجتمعنا على أي حال فأرجوا أن تعيد النظر في هذا, وأكبر دليل هو إستغلال بيانات الأشخاص في التأثير على الإنتخابات الرئاسية الأمريكية, بيانات الأشخاص التي يتم جمعها يمكن إستغلالها في العديد من الجرائم المشابهة لما تم ذكره مؤخرا.

هذا هو أكبر ثقب في حجة "لا تخفي ، لا تخشى شيئا" اذا كان الهدف الحقيقي الذي تسعى اليه المراقبة حقا هو محاربة الارهاب فمن المنطقي ان كم البيانات الهائل والطريقة العشوائية لجمع البيانات لجميع من على الكرة الارضية سوف يكون عامل تشتيت حول الخطر الرئيسي للارهاب، وهذا بحد ذاته أمر مناقض لما يتم قوله, التحجج بمحاربة الإرهاب ليس صحيحا, وبيانات الأشخاص التي يتم جمعها تستعمل لأغراض أخرى.

بالنسبة لكمية البيانات الهائل فلم يعد هناك مشكل إطلاقا, يتم تطوير ما يسمى بالبيانات الضخمة او big data من اجل جعل معالجة الكم الهائل من البيانات ممكنا, سهلا وسريعا، لكن كل هذه الإمكانيات ليست حجة لمراقبة الجميع، وحجة محاربة الارهاب ما هي الا ذريعة يتم استخدامها من اجل صنع مجتمع لا يملك اي شيء خاص، وهذا بالتحديد لا يمكن أن يقبله أي كان، فمثلا انت عزيزي القارئ تملك اشياء لاتريد لغيرك ان يطلع عليها او انك تعتبر بان حياتك مع العائلة والاصدقاء هي خصوصية لا تحب ان يراها الجميع، وهذا بالتحديد هو جوهر موضوعنا. 

حجة "إذا لم يكن لديك ما تخفيه فلن يكون لديك ما تخشاه" تجعل الحكومة تتجسس على كل اسرارنا حتى وان لم تكن هذه الأسرار مخالفة للقوانين فهي تريد ان تطالها يدها، وهذا بالتحديد سيصنع مجتمعا شبه عارٍ من الخصوصية، مجتمعاً لايملك اي شيء خاص. 

في الواقع ، ليس لديك أي فكرة عما إذا كان لديك ما تخشاه أم لا ، لأنك لا تعرف ما تفعله الحكومة بالبيانات التي تجمعها. إذا كانت الحكومة تحافظ على سرية ما تجمعه عنك أو حتى لماذا تجمع أصلا هذه البيانات حولك, فأنت لايمكنك أن تعرف أي شيء.

الأمر لم يتوقف عند وكالة الأمن القومي فقط, فحتى الإستخبارات العالمية الأخرى تفعل نفس الشيء, كالإستخبارات الروسية أو الصينية على سبيل المثال لا الحصر, لكن وكالة الأمن القومي تقوم بمراقبة حكومية شاملة لهذا قمنا بالحديث عنها, يمكنك أن تطبق المثال من أكبر الرؤووس إلى أصغرها, وعملية التجسس هاته تحدث في بلدك أيضا أين يمكن لحكومة بلادك أن تفعل نفس الشيء تقريبا.

عندما تعمل الحكومة في الخفاء ، من الصعب معرفة أي شيء بدقة وبثقة تامة. ومع ذلك هناك شيء واحد يمكنك قوله بثقة 100٪: وهو اننا بحاجة إلى معرفة المزيد. 

نحتاج إلى معرفة المزيد عن المعلومات التي تجمعها الحكومة حول ملايين الأشخاص الأبرياء. نحتاج إلى معرفة المزيد عن التفسيرات القانونية السرية التي تعتمد عليها الحكومة لمراقبة اتصالاتنا. ونحن بحاجة إلى معرفة المزيد حول ما تفعله الحكومة بتريليونات أجزاء البيانات الإلكترونية التي يتم تجميعها في ملفاتها. نحن بحاجة إلى هذه الإجابات لأنه حتى لو لم يكن لدينا ما نخفيه، فهذا لا يعني أننا نرغب في العيش في مجتمع لا يوجد فيه شيء خاص. 

مشاركة

أضف تعليق:

0 comments: