Navigation

لماذا يجب أن نتوقف عن مناقشة الأشخاص الذين لايحملون أفكارا ديمقراطية

النقاش الديمقراطي من إسمه مستمد من المبادئ التي تدعوا إليها الديمقراطية, على النقاش الديمقراطي أن يحتوي على الحرية والإيمان بالاختلاف وتعدد الآراء وهذه الأشياء مهمة جدا للنقاشات لأنك لو كنت تناقش شخصا لا يؤمن بالإختلاف فلن يحترم رأيك وسيهجم عليك لأنه يعتقد بأنك مخطأ ويجب قتل رأيك
التوقف عن مناقشة الأشخاص الذين لايحملون أفكارا ديمقراطية

هل تعتقد بأن الدولة التي يسودها نظام ديمقراطي ستكون ديمقراطية حقا؟ وإن كانت كذلك فهل أشخاصها سيكونون ديمقراطيين حقا؟ في حقيقة الأمر الإجابة على هذين السؤالين بسيطة للغاية ويمكن استنتاجها من الواقع, لدينا نظام ديمقراطي هنا لكن دولتنا ليست ديمقراطية وكذلك شعبنا, لن نقوم بالإجماع لكننا سنكتفي بمصطلح الأغلبية, لماذا؟ بطبيعة الحال بسبب النزعات الطائفية والعرقية والإيديولوجية وكالعادة بسبب الجهل, فعلى الأغلب معظم الأشخاص هنا تسيطر عليهم هذه النزعات وأقليتهم يتمتعون بأفكار ديمقراطية حقا, لكن ماهي الديمقراطية تحديدا؟

الديمقراطية مثلما عرفناها في مقال سابق هي شكل يجسد العدل والمساواة وتكافئ الفرص وهي مبنية أيضا على العدالة الاجتماعية والإيمان بالاختلاف وشرعية التعدد, حسنا ما دخل هذا في النقاش الديمقراطي؟

النقاش الديمقراطي من إسمه مستمد من المبادئ التي تدعوا إليها الديمقراطية, على النقاش الديمقراطي أن يحتوي على الحرية والإيمان بالاختلاف وتعدد الآراء وهذه الأشياء مهمة جدا للنقاشات لأنك لو كنت تناقش شخصا لا يؤمن بالإختلاف فلن يحترم رأيك وسيهجم عليك لأنه يعتقد بأنك مخطأ ويجب قتل رأيك, من لايحترم تعدد الآراء لايمكن له بأي طريقة كانت أن يخوض في نقاش مفيد وناجح وهذا مانود لفت الإنتباه إليه من خلال هذا المقال لأنه حقيقة لا يمكن الاستمرار في نقاشات غير ديمقراطية لأنها بالتأكيد بدون فائدة ومثيرة للقلق حقا.

إن الأشخاص الذين لا يتمتعون بأفكار ديمقراطية في غالب الأحيان يكونون أصحاب نزعة سواء كانت هذه النزعات عرقية أو طائفية أو إيديولوجية لايهم صفة هذه النزعة المهم هنا هو أن الشخص الذي ستناقشه سيكون منحازا دوما لجهة ما وهذا بالتأكيد تحريف للحقيقة, فلو ناقشت شخصا منحازا مثلا إلى دولة ما سيكون مؤمنا بشكل لا يصدق بأن أي دولة ستتكلم عليها وتكون مخالفة للدولة التي يحبها سيكون كلاما خاطئا لذلك سيقوم بضرب رأيك في العدد 0 وهذا غير منطقي لأنه عدم احترام لاختلاف الرأي, لا يمكن لنا أن نكون متشابهين دوما واختلاف الآراء شيء عادي, لهذا أنا أعتقد بأن الدخول في نقاش غير ديمقراطي ما هو الا مضيعة للوقت فبدل البحث عن حل او مناقشة مشكل ما ستحصل على شخص يهاجمك ويسعى لانتقادك بدل مناقشة أفكارك وكل هذا بسبب أن رأيك مختلف عن رأيه وباعتقادي هذا تعصب في حد ذاته لأنه وكما يعلم اغلبنا فاحترام رأي الطرف الآخر هو أساس أي نقاش وبالعكس تماما يأتي النقاش الديمقراطي بنتائج ليس لها مثيل حيث يتوفر هناك إحترام للطرف الآخر مهما كان رأيه وسنحصل على مناقشة للأفكار بدل مهاجمة الآراء وانتقاد شخصية الآخرين, في النقاش الديمقراطي تتاح لجميع الأفكار فرصة الظهور والمناقشة وإن كانت الفكرة خاطئة سيتم تصحيحها من خلال الإقناع.

إن الأشخاص الذين لا يتمتعون بأفكار ديمقراطية لا يمكن مناقشتهم لأنهم متعصبون في داخلهم وينحازون دوما لجهة ما حتى ولو كانت هذه الجهة خاطئة أو سيئة ولن يتقبلوا أي رأي آخر مناف لرأيهم وعند مناقشتهم ستحصل على عدم تفهم لرأيك لن يتم الإستماع لرأيك في الأساس و ستجد في الأخير شخصا يهاجمك وإن ساءت الأمور فستتم إهانتك.

إن الهدف من الحوار هو التواصل وليس المشاجرة, ما فائدة نقاش يقلقك وما فائدة الخوض في نقاش همجي لا يحتوي على أبسط متطلبات الحوار, إن لم يفهم الأشخاص بأن الاختلاف هو اساس الوجود البشري فيجب حينها أن لاندخل في حوار مع بعضنا أبدا لان البشر بطبيعتهم مختلفون فكريا, لم نخلق متشابهين لذلك لن نقول بأن الاختلاف في الرأي هو صدفة أو عثرة حظ بل هو شيء موجود فينا, لا يمكن أن نكون على صواب دوما وليس شرطا أن نكون مخطئين تماما, وإذا كنت سأناقش شخصا يعتقد بأنه لا يخطئ أو يعتقد بأن رأيه فقط هو الصحيح فهذا بالتأكيد مخالف لسلالتنا البشرية, الاختلاف أمر يسكن بداخلنا لهذا على أي كان إحترام هذا الشيء, وبدل التهجم أو التعصب فمحاولة مناقشة الأفكار هي طريقة رائعة لحل المشاكل وللحصول على أفضل النتائج, أذكر تماما اللحظة التي ناقشت فيها شخصا متدينا حول الديمقراطية لقد كان طيلة الحوار منحازا دينيا لهذا كان يتهجم على آرائي, لقد أخبرته بأن محاولة إصلاح الديمقراطية حاليا هي افضل حل لمجتمعنا لكنه كان يقول بأن تطبيق الإسلام حاليا هو الحل الأمثل وكأنه شخص غبي ولم يرى التطرف الذي مارسته داعش كأنه لم يرى التعصب القبلي الذي يحكمنا والجهل الذي يملأ بلداننا, إذا كنت منحازا دينيا أو طائفيا أو إيديولوجيا فهذا الشيء سيعمي بصيرتك ولن تتمكن من تحليل الأمور و ستجعل من الأشياء التي تنحاز إليها تتصف بالكمال وهي في الحقيقة ليست كذلك.

لهذا لا يمكنك مناقشة الأشخاص غير الديمقراطيين لأنهم بكل بساطة لن يحترموا رأيك, ولن يناقشوا أفكارك سيتهجمون عليك وسيشتمونك, وإن كنت تسعى لمناقشة فكرة ما سواء لإثباتها أو لحل مشكل ما فللأسف لن تحصل على ما تريد لأن الطرف الآخر لن يستمع لك أصلا لأنه يملأ كل رأسه بفكرته التي يعتقد بأنها صحيحة وسيضع رأيك جانبا لأنه يعتقد بأنه خاطئ أساسا وعندما تطلب أدلة سيتم إيهامك بأن ثقافتك قليلة وبأن رأيك ساذج, يميل الأشخاص غير ديمقراطيين إلى التسلط في الحوار وأي فكرة معاكسة لأفكارهم تعتبر عدوا ويجب القضاء عليها وهنا سيبدو وكأن هؤلاء الأشخاص مرضى نفسيا وسيقودونك للقلق بسبب غبائهم وستنتهي إلى حالة لاتشعر فيها بالراحة النفسية لهذا لاتناقش الأشخاص غير ديمقراطيين لأنك ستتعب نفسك فقط.

في الجهة المقابلة الأشخاص الذين يحملون أفكار ديمقراطية تكون مناقشاتهم أكثر فائدة بما لا يقارن مع الاشخاص غير ديمقراطيين حيث هناك إيمان باختلاف الأفكار ويتم احترام آراء الآخرين ويسمح بطرح جميع الأفكار وتناقش هذه الأفكار ولا يتم التهجم على أصحابها وهكذا يمكننا حقا الخروج بفائدة من هذا الحوار وستكون أكبر فائدة أننا اكتشفنا أشياء جديدة بدون قلق حتى عند انتهاء المناقشات ستجد نفسك مرتاحا نفسيا وجسديا, وفي الحقيقة يمكن لأي شخص يقرأ هذا المقال أن يفصل في وقت لاحق بين الأشخاص الديمقراطيين وغير الديمقراطيين.

في نهاية هذا المقال, نصيحة صادقة حقا إذا كنت ستناقش أشخاصا ديمقراطيين فهنيئا لك ستكتسب أفكارا جديدة أما إذا كنت ستناقش أشخاص منحازين وغير ديمقراطيين فيجب أن تتوقف عن المناقشة لأن هذا هو أفضل شيء فليست هناك فائدة مرجوة من هكذا مناقشات تحتوي على التعصب وتسبب القلق وستقفدك في الأخير راحتك النفسية والجسدية لهذا لا تناقش الأشخاص غير الديمقراطيين.
مشاركة

أضف تعليق: