Navigation

القانون, المحاكم, الشعب, الإعلام, الحكومات السيئة.. رسالة صادقة حقا

إن التجربة الإنسانية تقول بأن الهدف من القوانين هي مساعدة الناس, لكن حاليا يصبح هذا الأمر ظاهريا فقط ويتوسع الفساد مختبئا وراء القوانين التي كانت بشكل مبدئي تهدف بصدق لمساعدة الناس, لكن تحولت مثل هذه القوانين إلى غاية لتبرير وسيلة شنيعة, لمنع شعب وسحق معارضة, لسلب حق ولإخافة الجموع
القانون, المحاكم, الشعب, الإعلام, الحكومات السيئة

إن التجربة الإنسانية تقول بأن الهدف من القوانين هي مساعدة الناس, لكن حاليا يصبح هذا الأمر ظاهريا فقط ويتوسع الفساد مختبئا وراء القوانين التي كانت بشكل مبدئي تهدف بصدق لمساعدة الناس, لكن تحولت مثل هذه القوانين إلى غاية لتبرير وسيلة شنيعة, لمنع شعب وسحق معارضة, لسلب حق ولإخافة الجموع, أصبح من السهل جدا قمع حرية الشعب وتظليله بشكل يمنعه من المطالبة بأبسط حقوقه فالتلاعب بالاقتصاد وجعل شعب بأكمله يلهث وراء توفير لقمة العيش هو شيء مخطط له سيتم سد كل وقتك حتى لا تشكل خطرا, ومن ثمة ستصبح بشكل تدريجي شخصا مطيعا وسهل المنال.

على مر التاريخ تمت السيطرة على العالم من خلال الإيديولوجيات الكبرى مثل الدين, الاشتراكية, الرأسمالية على سبيل المثال لا الحصر هذه كلها كانت مثالا على أشكال الرق التي زادت سيطرتها في مرحلة توقفت الثورة فيها عن إزالة حريتنا , لماذا قد نحتاج إلى هذه الأنظمة المسيطرة إذا كنا نبحث عن العدل والمساواة و مساعدة الناس, لماذا قمنا بسن قوانين والادعاء بأنها تهدف للعدل لتصبح فيما بعد مصدرا يسمح للبعض بممارسة الظلم؟

إن سيطرة الحكومة واستعمالها للقانون بطريقة خاطئة ضد الشعب, تكبح تطلعات الشعب الفكرية لأنهم يعلمون بأن ما يفعلونه يمكن أن يجلب لهم مشاكل بالرغم من أنهم يفعلون أشياء صحيحة وقانونية, سيؤثر هذا على الاشخاص في جميع جوانب حياتهم, سيتم تغيير أفكار المجتمع وجعله أكثرا قابلية للطاعة والخضوع حتى ولو تعلق الأمر بحقوقنا فمع الوقت سيتم تدريبنا على ازدراء هذه الحقوق, سنكون مطيعين ومتقبلين لكل شيء حتى لو تعلق الأمر بسلب حقوقنا أو خداعنا أو حتى إهانتنا .

في النهاية سيكون لدينا نحن الشعب خيارات محدودة, وسيكون كل شيء يتم تطبيقه محتويا على 5℅ قانون و 95 بالمئة سياسة فيما يتعلق بالطريقة التي ستحل بها الحكومة معظم قضاياها, سيكون الأمر منصاعا لقانون الغاب وبدل إستعمال قانون تم وضعه من أجل توفير العدل سيأتون بأحكام مفادها أنه حسب القانون المؤرخ في التاريخ كذا فانت ليس لديك أي حق بكذا أو أنك متهم بكذا وكذا, أما الأمر المتعلق بالحكومات فهو كالآتي : أي عمل غير قانوني سيكون حجته هو مكافحة الإرهاب وأنه يصب في مصلحة الشعب أو أنه لصالح الأمن القومي.

قد يكون الموضوع الذي أتحدث عليه غير مفهوم للكثيرين, لكنه واضح كل الوضوح للناشطين السياسيين, الصحفيين الصادقين في مهنتهم، المدونين ضد الفساد, المناضلين ضد الحكومات والقائلين للحقيقة, وللأشخاص الذين يمتلكون تجارب فقدوا فيها حقوقهم مع الحكومة وخرجوا مظلومين بالرغم من أحقيتهم, والدليل على أن هذا يحدث هو أنني تحدثت مرة مع صاحب محل قام بالوقوف وجها لوجه أمام الحكومة في محكمة بالجزائر العاصمة, كان يريد أن يسترجع حقه المتمثل في 5 ملايين دينار جزائري لكن بعد عام من المحاكمات التي لم تنتهي لحد الآن خسر 15 مليون دينار جزائري ولم ينل حقه قط, لكنه أخبرني بانه لن يتوقف لأنه أمر متعلق بكرامته, أردت أن أخبره كم أن الأمر مؤسف أنك تواجه الحكومة, ستحس بالأمر عندما تجابه قوة أكبر منك, عندما تكون طرفا خاسرا وعندما يصبح القانون الذي من المرجح أنه جعل من أجلك ضدك.

إذا كنت متهما من قبل الحكومة أو كنت تريد استرجاع حقك من الحكومة بحد ذاتها فلا أحد سيحسدك على وضعك يا عزيزي لأن كل الظروف هي ضدك, قدرتك البسيطة في مواجهة قوة الحكومة هو في حد ذاته أمر غير عادل عندما تجد بأنك صاحب حق وفي النهاية تخرج مظلوما فهذا مؤسف حقا, ما سيحصل للناس عند معارضتهم للتغيرات السياسية وعندما يريدون التظاهر بطرق شرعية يدعمها الدستور هو تماما ما سيحصل للغزالة التي تقع بين فكي تمساح.

على مر السنوات التي عشتها استنتجت بأن أي دولة تتبع استراتيجيتين للسيطرة : إما تهدئة الشعب بتقديم تنازلات رمزية, أو تعزيز السيطرة لتقليل الضرر الذي يمكن أن يلحقه الاضطراب بمصالحها, ويبدو أن الخيار الثاني – تعزيز سلطتها – هو الاختيار الأفضل لأي حكومة كانت, وهكذا يتم الرد على الحركات الاحتجاجية بسحقها بالقوة والملاحقات القضائية, في أغلب الأوقات تقضي الحاجة بإخافة الناس من حضور المسيرات والاحتجاجات, وقد نجحت مثل هاته الاستراتيجيات بصورة عامة, أما الهدف الأكثر عموما فهو زرع شعور بأن هذا النوع من المقاومة عبثي ضد مؤسسة هائلة ومنيعة .

المحكمات هي الجهة التي يجب أن تعطي موافقات للحكومة من أجل القيام بأشياء يمكن اعتبارها حساسة كمتابعة شخص ما, أو القبض عليه أو تفتيشه أو التجسس عليه, ينبغي أن يكون الطلب المقدم إلى المحكمة مقنعا ومرفقا بإثباتات بأن هذا الأمر يشكل خطرا على الأمن, وأي أمر مخالف لهذا يعد إسقاطا للقانون, وإذا كانت المحكمة مستندة على القانون فهنا لايوجد أي تطبيق للقانون, إن سماح المحاكم بقمع إرادة الشعب وسلبه لحريته لن يجعلها محكمة بل بؤرة تصادق بشكل علني على الفساد, لكن يمكن ان يكون هذا بدون فائدة لو كان كل شيء سريا, عند وجود محاكم سرية تحقيقات سرية عمليات سرية تقوم بالبحث عن كل شاردة وواردة تخص الشعب دون علم أي واحد منهم بما يجري فهذا بالتأكيد لن يكون مجديا بالمرة محاولة كشف أمور خارجة عن المألوف تستدعي تحقيقات جدية وشفافية حقيقية.

كأن كل شيء يسير من طرف واحد, وكأن الدولة توجه رسالة تقول " لا تشكلوا أي تحد, ولن يكون لديكم ما تقلقوا بشأنه, اهتموا بشؤونكم وادعموا أو على الأقل تحملوا ما نفعله وستكونون على ما يرام ", إنها صفقة صريحة للإخضاع بالقوة, هذا بالتأكيد تشجيع على السلبية والطاعة والإذعان والطريق الأسلم والأكثر ضمانا لكي تترك وشأنك هي أن تبقى هادئا ومسالما ومطيعا .

الإعلام شيء كارثي حقا عندما يصبح منحازا للحكومة وبمصطلح آخر عندما تسيطر عليه الحكومة وتقوم بمنعه من آداء مهمته بحرية هذا بالتأكيد شيء كارثي للغاية, الإعلام حاليا يركز كثيرا على الأشخاص, أما الأمور الحقيقية التي تدور حول فساد الحكومة فلا يتم ذكره بتاتا وإن حدث هذا فسيكون سطحيا أو غرضه التظليل عن شيء أهم, عندما تقرأ جريدة أو تشاهد قناة من بلدك ستجد بأن معظم الاخبار تافهة وتدور حول الشعب, الأغبياء من الإعلام لا يمكنهم نشر أشياء سيئة حول الرئيس ليست ادعاءات بل حقائق لكن لايتم ذلك, لماذا؟ ببساطة لأن الحكومة تسيطر على كل شيء بما في ذلك الإعلام, الأمثلة كثيرة ولا أريد الدخول فيها لأنه إن حصل واستعملت هذه المقالة ضدي في محكمة ما بحجة تحريض الشعب أو تشويه الحكومة فستكون الأضرار بسيطة, من يعلم كل شيء وارد.

إذا كنت تعرف حقوقك المدنية حقا فهذا شيء جيد بالنسبة لك ولمجتمعك, لكنه بشكل ما يصبح شيئا وهميا كلما سمحنا للأمر بأن يتجه نحو الأمام, إذا كنت ستخبر شعبا يلهث طوال اليوم وراء المال بدون أن يلاحظ بأن ماله الحقيقي يسرق من طرف الحكومة فأنت بالتأكيد ستواجه سخرية أو أنه لا أحد سيفهم ما تقول لأن الأكثرية لا يعرفون بأن القانون إن تم تطبيقه حقا فيمكن حينها رمي الحكومة الفاسدة في القمامة, كل شيء يخطط له أو يتم فعله يقال بأنه للمصلحة العامة لكن في نفس الوقت هو ليس أكثر من كذب وافتراء, هو يقمع حرية الشعب ويسلب منه حقوقه.

نحن لا نريد رؤية نفس الوجوه الفاسدة.. نحن لانريد إعلاما مزيفا يجعلنا أغبياء.. نحن لا نريد من الفاشلين والسارقين أن يترشحوا للانتخابات مجددا..

نحن نريد للشعب أن يتعلم لكي لايتم خداعه.. نحن نريد من كل شخص أن يتحمل مسؤوليته وأن يفعل الأمور بالطريقة الصحيحة التي ينبغي أن تكون عليه..
مشاركة

أضف تعليق:

2 comments:

  1. مبدع كعادتك

    ردحذف
  2. لم أجد عما يعبر بداخلى سوى كتاباتك تلك استمر

    ردحذف